الحرب تفرض خططاً جديدة لصادرات القطاعات الصناعية

بدأ مصدرون فى مختلف القطاعات الصناعية، إعداد خطط تكيف لتفادى أى تأثيرات سلبية محتملة على حركة الصادرات المصرية، نتيجة تصاعد التوترات الإقليمية على خلفية الحرب بين إيران وإسرائيل.
وتعكف المجالس التصديرية على مراجعة خريطة الأسواق الخارجية وتقييم مستويات المخاطر فى بعض الوجهات، بالتوازى مع دراسة فتح أسواق بديلة لضمان استمرارية تدفق الصادرات، خصوصاً فى القطاعات الأكثر ارتباطاً بممرات التجارة الحساسة، مثل الصناعات الغذائية ومواد البناء والكيماويات.
وبحسب تصريحات كبار المصدرين لـ«البورصة»، فإن تحديات متزايدة تفرض نفسها على التوريد إلى الأردن والعراق ولبنان وسوريا، سواء نتيجة اضطراب الطلب أو تعقيدات الشحن.
«حلمي»: «الصناعات الهندسية» تدرس التوسع فى أسواق بديلة منها أمريكا اللاتينية وأوروبا
قالت مى حلمي، المدير التنفيذى للمجلس التصديرى للصناعات الهندسية، إن تصاعد التوترات الجيوسياسية فى المنطقة يثير قلقاً متزايداً للمصدرين، خصوصاً فى ظل الاعتماد الكبير على الممرات الملاحية الإقليمية، وعلى رأسها خليج عدن ومضيق هرمز، كمنافذ رئيسية لحركة الصادرات.
أضافت أن أبرز التأثيرات المحتملة للصراع الإقليمى تشمل ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، وهو ما قد ينعكس سلباً على تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق الخارجية. كما أن اضطرابات خطوط الشحن قد تجبر الشركات على تحمل أعباء إضافية، سواء من حيث التكلفة أو الزمن اللازم لنقل البضائع.
وأشارت حلمى إلى أن استمرار التوتر قد يؤثر أيضاً على استيراد قطع الغيار ومكونات الإنتاج، وهو ما يشكل تحدياً أمام عدد من الصناعات الهندسية التى تعتمد على مدخلات إنتاج مستوردة.
ولفتت إلى أن الرؤية ستكون أوضح خاصة مع المتابعة المستمرة للتقارير الواردة من شركات الشحن لرصد أى زيادات جديدة فى التكاليف أو تغيّرات فى المسارات.
وتابعت: «المجلس التصديرى للصناعات الهندسية يضع ضمن أولوياته الحالية التوسع فى اختراق أسواق بديلة أكثر استقرارًا، على رأسها دول أمريكا اللاتينية، والولايات المتحدة، وأوروبا، لتقليل الاعتماد على المناطق المتأثرة بالتوترات الإقليمية».
«كريم»: شركات الأسمنت بدأت مباحثات جادة حول تكاليف الشحن والخدمات اللوجستية
وقال أحمد شيرين كريم، رئيس شعبة الأسمنت بغرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات، إنَّ شركات الأسمنت بدأت مباحثات جادة مع شركات الشحن والخدمات اللوجستية، بهدف تقييم حجم التأثير المحتمل لتصاعد الحرب بين إسرائيل وإيران على حركة التصدير.
وأوضح أن هذه المباحثات تستهدف وضع خطط وقائية تضمن استمرار تدفق الصادرات، خاصة فى ظل اضطراب بعض خطوط الملاحة البحرية فى الشرق الأوسط وارتفاع رسوم التأمين على الشحنات.
أشار “كريم” إلى أن قطاع الأسمنت يصدر كميات كبيرة إلى أسواق الشرق الأوسط وإفريقيا، ما يفرض على الشركات الاستعداد لسيناريوهات متعددة، بما فى ذلك تغيير مسارات التصدير أو إعادة التفاوض بشأن عقود الشحن.
وأكد أن الشعبة على تواصل مستمر مع الجهات الحكومية والمجالس التصديرية المعنية، لتوفير الدعم اللازم للشركات، وضمان الحفاظ على تنافسية المنتج المصرى فى الأسواق الخارجية، مشيراً إلى أن السوق العالمية تشهد تغيرات سريعة تتطلب مرونة واستباقية فى اتخاذ القرار.
«عيسى»: من الضرورى وضع خطة مرنة تشمل تنويع الوجهات وتغيير المسارات الملاحية
وقال على عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إن السيناريوهات الناتجة عن الأحداث الجارية، وعلى رأسها تعطل حركة الملاحة، لم تظهر أى مؤشرات واضحة حتى الآن، لكنها تظل احتمالات قائمة حال استمرار الحرب.
أضاف أن التأثيرات المحتملة للحرب، مثل تعطيل الملاحة وارتفاع أسعار الشحن، تعد سيناريوهات متوقعة يجب مراقبتها عن كثب، مشيراً إلى أن الأوضاع الحالية ليست إيجابية وتستلزم الحذر والاستعداد للتحديات المستقبلية.
وتابع: «استمرار التوترات سيجعل من الضرورى أن يكون لدى كل قطاع خطة مرنة لإدارة الأزمات، تشمل تنويع الأسواق، وتغيير المسارات الملاحية».
«أبوالمكارم»: التوسع فى البحث عن بدائل لوجستية وموانئ عبور أكثر كفاءة
وقال خالد أبوالمكارم، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية والأسمدة، إن التوترات الجيوسياسية الإقليمية والدولية تفرض تحديات واضحة على قطاعى الصناعة والتصدير.. لكنهـما يتمتعان بدرجة عالية من المرونة، ويواصلان العمل بالتنسيق مع الجهات الحكومية لضمان انتظام سلاسل التوريد وحركة الصادرات.
أضاف أن الصناعات الكيماوية تمتلك قدرات تصديرية قوية، وهو ما يُعزز قدرتها على التعامل مع الأزمات الطارئة وإعادة توزيع الموارد نحو الأسواق الأكثر استقرارًا.
أوضح “أبوالمكارم”، أن ثمة قطاعات أكثر تأثراً عن غيرها نتيجة ارتفاع تكاليف الشحن والطاقة، لكن الحكومة تبذل جهوداً متواصلة لتقليل أثر تلك الاضطرابات، لا سيما فى القطاعات الحيوية المرتبطة بالتصدير والإنتاج المستمر.
وأشار إلى أن أزمة سلاسل الإمداد لم تنتهِ بعد، وما زالت قيد التعامل، مؤكداً أن الفترة الحالية تستدعى إعادة ترتيب الأولويات والتوسع فى البحث عن بدائل لوجستية وموانئ عبور أكثر كفاءة، بالتعاون مع القطاع الخاص.
وحول تأثير خطة الطوارئ التى فعلتها وزارة البترول لوقف إمدادات الغاز الطبيعى مؤقتاً لبعض الصناعات، قال إن المجلس يتفهم الإجراءات التى اتخذت فى إطار إدارة الموارد، وأن الصناعات التى تأثرت ليست من القطاعات التصديرية الاستراتيجية.
ونفى أن تكون الصناعات الكيماوية والأسمدة شهدت تأثيراً جوهرياً فى أنشطتها التصديرية، مؤكداً وجود تنسيق دائم مع الجهات المعنية لضمان استقرار العمليات الإنتاجية.
وفيما يخص انعكاسات التوترات الأمنية والعسكرية فى المنطقة على الوضع الاقتصادى فى مصر، قال أبو المكارم إن الدولة تتعامل بمنهجية واضحة للحفاظ على استقرار السوق المحلي، وتعزيز العلاقات التجارية مع الأسواق الدولية، لافتاً إلى أن المجلس التصديرى يواصل العمل على فتح أسواق جديدة، بما يتماشى مع توجهات الدولة لزيادة الصادرات غير البترولية، وتحقيق مستهدفات النمو الصناعى خلال المرحلة المقبلة.
«طلبة»: السوق الأمريكى لا يزال أحد أهم المنافذ الحيوية لصادرات الملابس المصرية
وقال مجدى طلبة، عضو المجلس التصديرى للملابس الجاهزة، إن السوق الأمريكى لا يزال يمثل أحد أهم المنافذ الحيوية لصادرات الملابس المصرية، ويعد عامل توازن مهماً فى ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وتأثيراتها المحتملة على حركة التجارة العالمية.
أضاف أن تنوع الأسواق، وفى مقدمتها الولايات المتحدة التى تعد من أكبر المستوردين للملابس الجاهزة على مستوى العالم، يخفف حجم الضغوط الواقعة على الشركات المصدرة، لا سيما فى ظل التحديات المرتبطة بارتفاع أسعار الشحن البحري، وتقلص الخيارات اللوجستية بسبب الأوضاع غير المستقرة فى ممرات التجارة الدولية.
وأشار “طلبة” إلى أن الشركات المصرية بدأت فعلياً دراسة حلول جذرية للتعامل مع هذه المتغيرات، سواء من خلال تحسين كفاءة سلاسل الإمداد، أو التوسع فى التصدير عبر أسواق بديلة، إلى جانب البحث عن وسائل شحن أقل تكلفة وأكثر استقرارًا.
أضاف أن المجلس يتابع بشكل مستمر تطورات السوق العالمية، ويوفر الدعم الفنى والاستشارات التصديرية للشركات لتفادى أى تأثير سلبى على تدفقات الصادرات، لافتاً إلى أهمية تعزيز التعاون بين القطاع الخاص والجهات الحكومية لضمان استمرار تنافسية المنتج المصرى فى الأسواق الدولية، خاصة فى ظل المتغيرات الاقتصادية الإقليمية.