في تقرير حكومي..تحديات تهدد مستقبل التحول للطاقة النظيفة رغم الطفرة في أنظمة تخزين الطاقة

كتبت: مروة منير
رغم التحولات المتسارعة نحو الطاقة المتجددة، كشف تحليل صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عن مجموعة من التحديات المقلقة التي تهدد قدرة العالم على الاستفادة الكاملة من أنظمة تخزين الطاقة، والتي تُعد حجر الزاوية في دعم الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة مثل الشمس والرياح.
يشير التحليل إلى أن سوق تخزين الطاقة العالمي شهد نموًا ملحوظًا في عام 2024 بنسبة 36%، ليصل حجمه إلى 53.9 مليار دولار، مدفوعًا بانخفاض أسعار البطاريات وتحسن كفاءة التقنيات. كما انخفضت أسعار بطاريات الليثيوم أيون بنسبة 40% خلال نفس العام، في امتداد لاتجاه تنازلي مستمر منذ أكثر من عقد.
لكن هذه الطفرة لا تعكس صورة وردية بالكامل، حيث أن هذا الانخفاض الكبير في الأسعار لا يعود فقط للتطور التقني أو زيادة الكفاءة، بل في جزء كبير منه إلى العرض الزائد في السوق العالمي للبطاريات، وهو ما ينذر باختلالات محتملة في توازن السوق، وتراجع الحوافز الاستثمارية على المدى المتوسط.
ومن أبرز ما ورد في التحليل هو هيمنة الصين شبه المطلقة على سوق تصنيع البطاريات، حيث تستحوذ على أكثر من 60% من القدرة التصنيعية العالمية، وتُسيطر على أكثر من 90% من عمليات معالجة المعادن الأساسية المستخدمة في البطاريات، مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل. هذا التركّز الشديد في سلاسل الإمداد يثير مخاوف حقيقية لدى القوى الكبرى، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة، التي تسعى حاليًا إلى إنشاء سلاسل توريد بديلة خشية الاعتماد المفرط على مصدر واحد.
ومع التوسع الكبير في مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، التي فرضت ضغطًا كبيرًا على الشبكات الكهربائية في مختلف الدول، أصبح من الواضح أن البنية التحتية الحالية غير قادرة على استيعاب هذا الزخم. ففي بعض الحالات، لا تستطيع الشبكات استيعاب أكثر من 30% فقط من الطاقة المنتجة من مصادر متجددة، ما يجعل الحاجة إلى التخزين ليست ترفًا بل ضرورة ملحّة.
ورغم التنوع الكبير في تقنيات التخزين – من البطاريات الحرارية والانسيابية إلى الأنظمة الميكانيكية – فإن كثيرًا من هذه التقنيات ما زال يواجه تحديات تتعلق بالكفاءة، والتكلفة، وإمكانية التطبيق على نطاق واسع. على سبيل المثال، تتطلب بعض تقنيات التخزين الحراري وجود بنية تحتية ضخمة وتضاريس مناسبة، كما في حالة الطاقة الكهرومائية المخزنة، ما يحد من قدرتها على الانتشار عالميًا.
على الرغم من المبادرات الدولية مثل مبادرة شراكة تخزين الطاقة التابعة للبنك الدولي، والتي تمكنت من حشد تمويلات تصل إلى 725 مليون دولار لتطوير مشروعات التخزين، فإن التمويل يظل غير كافٍ لمجاراة الزيادة المتوقعة في الطلب. فبحلول عام 2030، يُتوقع أن يصل سوق تخزين الطاقة إلى 137 جيجاوات من حيث القدرة، و442 جيجاوات/ساعة من حيث الطاقة المخزنة، وهي أرقام تتطلب استثمارات ضخمة وبنية تشريعية ومالية محفزة، وهو ما لا يتوفر حاليًا في كثير من الدول النامية.
وفي الوقت الذي تُراهن فيه الدول الصناعية على استغلال تقنيات التخزين لتحقيق الحياد الكربوني، تبدو دول كثيرة في الجنوب العالمي غير قادرة على اللحاق بالركب، إما بسبب ضعف التمويل، أو نقص التكنولوجيا، أو صعوبة دمج هذه التقنيات في شبكاتها القديمة. ما يُنذر باتساع فجوة الطاقة بين الدول، وتحوّل “التحول الأخضر” إلى رفاهية لا تستطيع الدول الفقيرة تحملها.